وكما أنّ التقدّم لأيّ عملٍ يسبقه كتابة سيرة ذاتيّة احترافيّة يُراعى فيها إبراز نقاط القوّة وسرد تفاصيل الخبرات والمهارات التي يتقنها الشخص، كذلك فإنّ العمل بالتعليق الصوتي يلزمه التقدّم بسيرة ذاتيّة احترافية.
وكما أنّ سيرتك الذاتية يجب أن تخلو من الأخطاء الإملائيّة حتى لو لم تكن متخصّصًا باللغة العربية (أو اللغة التي كتبت بها سيرتك) فإنّ نفس الأمر بالضبط ينطبق على عيّنتك الصوتيّة الأولى التي تحلّ محلّ سيرتك الذاتية، فجيب أن تخلو من أيّ خطأٍ حتّى لو لم يكن ذا علاقة بمهنتك، مثلًا انخفاض دقّة الملفّ الصوتي أو عدم تنفيذ الهندسة الصوتيّة بأعلى درجة من الاحترافيّة لن يؤدّي إلا إلى رمي عيّنتك في سلة المهملات حتى لو كان صوتك أفضل من صوت فيروز.
إنّ تسجيلك للعيّنة الصوتيّة الأولى (الرئيسيّة) بأدوات سيّئة كأنّ تسجّل بواسطة هاتفك المحمول، يعطي انطباعًا لدى من يتلقّى هذه العيّنة بعدم جدّيّتك، ودومًا ستكون سلّة المهملات بانتظار عيّنتك غير المتقنة. انظر إلى هذه العيّنات.
تذكّر أوراق السيرة الذاتيّة التي كنت تمضي الليل بأكمله لتنقّحها وتعيد طباعتها مرارًا وتكرارًا من أجل تعديل حرفٍ واحد أو إضافة فاصلة، رغم أنّها مجرّد ورقة إلا أنّك تدرك جيّدًا أنّها بمثابة بطاقة هويّة أو جواز سفرك، وقد لا يراك مسؤول الموارد البشرية أبدًا، إنما سيرى سيرتك، وهذا ما يجعلك تضحي بنصف ليلتك لتعيد مراجعتها، فما الذي يمنعك من فعل نفس الشيء الآن مع عيّنتك الصوتية والجميع يعلم أنّ رفضها من قبل موظّف فرز العيّنات أسهل بكثير من قبولها، فقد يرفضها بعد استماعه لعشر ثوانٍ فقط، بينما يحتاج قبولها للاستماع إليها كاملةً وربّما أكثر من مرّة.
ما هو أكبر الأخطاء التي يقع فيها المعلّقون حين يرسلون عيّناتهم الصوتية؟
قد يخبرك صديقٌ لك عن حُسن نيّة أنّ تجميع مقتطفات من أعمالك السابقة أفضل ما يمكنك تقديمه كعيّنة صوتيّة، فهي أعمالٌ حقيقيّة وقد أُنتِجت في استوديوهات متخصّصة، لكن دعني أخبرك هذه المفاجأة: "إنّ أكثر العيّنات المرفوضة هي تلك المجمّعة من مقاطع وأعمال سابقة" فهي أولًا تشي بأنّ المعلّق لم يخصّص الوقت الكافي للبحث في هذه الوظيفة التي يتقدّم لها أو المشروع المطلوب تسجيله، وثانيًا إنّ لكلّ عمل خصوصيّته ويجب الالتزام بمحدّداته وشروطه.
ولنكن صريحين فإنّ الشخص المسؤول عن الاستماع للعيّنات وفرزها لديه أطنانٌ من العمل وسيجد بطريقةٍ أو أخرى أسلوب عملٍ يمكّنه من إنجاز مهامّه بسرعة، وأحد هذه الأساليب رمي كلّ ما يمكن رميه من النماذج المرسلة في البداية والحرص على عدم ظلم أحد أو الشعور بالندم والذنب فيما بعد، ومن أسرع الأساليب في الفرز هو رمي كلّ عيّنة سُجّلت بالهاتف المحمول، وكلّ عيّنة مؤلّفة من تجميع مقاطع.
انتبه: العيّنة الصوتية بمثابة سيرة ذاتيّة لكنّها لا تحلّ محلّها!
لكن ذكرنا أعلاه مرارًا وتكرارًا إنّ عيّنتك الصوتية هي طريقك وبابك ورسولك وهويتك الخ لكن كلّ هذا لا يُغني عن كتابة سيرة ذاتية تقليديّة، هنا يمكنك ذكر أبرز أعمالك والجهات التي عملت معها، وليس في العيّنة الصوتيّة، فمن غير اللائق أن تجعل عيّنتك الصوتية لمشروع ما تعريفًا بنفسك وسردًا لسيرتك، بل اجعلها في موضوع المشروع أو جزءًا منه، أمّا إن كانت العيّنة لشركة من أجل التوظيف وليست خاصّة بمشروع محدّد، فاجعلها تحوي نماذج لأفضل ما يمكنك تقديمه دون التكلّف، فتعدّد المهارات شيءٌ إيجابي لكن ضع في بالك أنّ كلّ جزء من عيّنتك سيتبعه في المقابلة الشخصية قبل توظيفك الطلب في التوسّع أكثر وربّما تقديم شيء مباشر بهذا الصدد،.
هل يتعيّن على المعلّق تسجيل عيّنته في استوديو احترافي؟
رغم أنّ السؤال يحمل تناقضًا إلا أنّه من الأسئلة كثيرة التردّد، لذا لا مانع من التذكير به وبالإجابة عنه وهي "نعم بالتأكيد"، فكيف يمكن وصف المعلّق بأنّه معلّق محترف إن لم تكن عيّنته احترافية، وكيف تكون العيّنة احترافية إن لم تُسجّل بأدواتٍ احترافيّة، ولم نقل استوديو احترافي، لأنّ الاستوديو ليس جغرافيا بل هو أدوات، فإن توفّرت الأدوات الاحترافية في أي مكان فهو استوديو، سواءً كان منزلًا أم إحدى غرف هوليود.
وهنا نشير إلى أنّ معظم المعلّقين المحترفين يمتلكون استوديو منزلي وذلك حتى قبل طفرة العمل من المنزل الحاليّة، فقد ذكرنا في بداية مقالنا أنّ التعليق الصوتي من المهن التي لم تتأثر كما أنّها من المهن التي يمكن بسهولة عملها من المنزل، ويمكن التوسّع عبر قراءة مقالنا السابق مهارات إذا تعلمتها يمكنك العمل من المنزل، منها التعليق الصوتي، كما يمكنك التغلّب على أكبر التحديات للعمل من المنزل في التعليق الصوتي بقراءة هذا المقال.