في عالم مليء بالأسرار والظواهر الكونية العجيبة، يكشف القرآن الكريم عن حقائق لا تزال تبهر العقول في كتاب أنزل قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا، نجد إشارات مذهلة لظواهر علمية لم تُكتشف إلا في العصر الحديث الآية الكريمة: يقول الله تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ التكوير: 15-16 كلمات قليلة لكنها تحمل وصفًا عجيبًا ودقيقًا لظواهر كونية ظلت مجهولة لقرون طويلة التفسير العلمي الحديث: العلم الحديث يكشف لنا عن وجود ما يُسمى بالثقوب السوداء، وهي أجسام سماوية ذات جاذبية هائلة، لدرجة أنها تبتلع كل شيء يقترب منها، بما في ذلك الضوء نفسه إنها لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تتحرك في الفضاء وتجذب ما حولها نظرًا لعدم قدرة الضوء على الهروب من الثقوب السوداء، فإنها لا تُرى مباشرة يتم اكتشافها من خلال تأثيرها على المواد المحيطة بها، مثل النجوم والغازاتو نظرًا لجاذبيتها الهائلة، تؤثر الثقوب السوداء على الزمن، حيث يتباطأ الوقت بالقرب منها مقارنة بالمناطق البعيدة، وفقًا لنظرية النسبية العامة لأينشتاين العلماء اليوم يقولون إن الثقوب السوداء هي إحدى أعظم أسرار الكون الخنس تعني تلك الأجرام السماوية التي تختفي عن الأنظار ولا يمكن رؤيتها مباشرة والجوار تشير إلى جريانها في مداراتها، والكنس تصف قدرتها على ابتلاع كل ما يقترب منها و قوله تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى هذه الآية قد ترتبط بظاهرة سقوط النجوم في نهاية حياتها النجوم العملاقة بعد استنفاد وقودها النووي تنهار على نفسها تحت تأثير الجاذبية الهائلة، مما يؤدي إلى انفجارات كونية هائلة تُعرف بالسوبرنوفا في بعض الحالات، يتحول مركز النجم المنهار إلى ثقب أسود، وهو منطقة ذات جاذبية شديدة تمتص كل ما يقترب منها ألا يشير هذا إلى الثقوب السوداء؟ هذا الوصف الدقيق لم يكن ليعرفه أحد قبل عصرنا الحالي كيف يمكن لإنسان في القرن السابع الميلادي أن يصف شيئًا لم تكتشفه البشرية إلا في القرن العشرين؟ إنه دليل واضح على أن القرآن كلام الله عظمة القرآن الكريم: عندما ننظر في القرآن الكريم، نرى كتابًا ليس فقط رسالة هداية للإنسانية، ولكنه أيضًا كتاب يفتح آفاقنا لفهم عظمة الكون وإبداع الخالق الآية تقول: فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ، لتخبرنا عن آيات الله في السماء لكن ليس الهدف مجرد العلم الهدف أن نعرف الله، أن نخشع لعظمته، أن ندرك أن كل ذرة في هذا الكون تشهد بوحدانيته (خلفية لمشاهد الأرض والسماء مع صوت نوح يتلو قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا الرعد: 2)) رسالة التأمل والتدبر: يا أيها الإنسان، تأمل في الكون من حولك تأمل في السماء التي ترفعها بلا عمد، وفي النجوم التي تزين الليل، وفي الثقوب السوداء التي تخفي أسرارًا عظيمة كل ذلك يُخبرك أن هذا الكون لم يُخلق عبثًا يقول الله تعالى: وَفِي السَّمَاءِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ الذاريات: 20 هذا هو القرآن، كتاب الله الذي لا تنقضي عجائبه ولا تنتهي معجزاته كتاب يهدي البشرية إلى الحق، ويُظهر لهم آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم وكلما تقدم العلم، ازددنا يقينًا بأنه كلام الله سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ فصلت: 53