وأنا أجالس هذه الورقة البيضاء، تذكرت إحدى ليالي شباط فبراير 1988، يوم كنت أيضا جليس ورقة بيضاء كان القلق يتملكني بعد أن قضيت النهار بطوله أؤجل هذه اللحظة، يومها استيقظت باكرا، وقررت ببساطة أن أقرأ الصحيفة بداية، وكأن قراءة الصحف واحدة من أولويات الحياة! قرأتها كلها، حتى إعلاناتها المبوبة، أنا الذي ترك عمله ليغوص في عالم الأدب الخطر والمجهول، وبعد ساعة ونصف الساعة من القراءة الدقيقة والمنهجية للصفحات المطبوعة، قررت مغادرة المنزل، في محاولة مني لنسيان الأخبار التي لم تعد تثير رعبنا، لأنها كانت تتكرر باستمرار مشيت سريعا على الرصيف البحري في كوباكابانا، والحنين يشدوني إلى اسبانيا، التي عشت فيها ردحا، حيث تعودت رؤية السماء الملبدة بالغيوم نفسها، والإحساس بحرارة الصباح نفسها