الجسد والفكر فاَلتَّفْكِيرُ لَيْسَ نَشَاطًا عَقْلِ
اَلتَّفْكِيرُ بِالْجَسَدِ اَلتَّفْكِيرُ لَيْسَ نَشَاطًا عَقْلِيًّا بَحْتًا، بَلْ هُوَ فِعْلٌ يَقُومُ بِهِ الْإِنسَانُ بِكُلِّيَّتِهِ، بِجَسَدِهِ وَرُوحِهِ مَعًا فَالْعَقْلُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَ بِصَفَاءٍ وَإِبْدَاعٍ، إِذَا كَانَ الْجَسَدُ مُهْمَلًا أَوْ مُرْهَقًا أَوْ مَحْرُومًا مِنَ الْغِذَاءِ وَالنَّوْمِ وَالرِّيَاضَةِ فَإِنَّ الْجَسَدَ هُوَ الَّذِي يَمْنَحُ الْفِكْرَ طَاقَتَهُ وَحَيَوِيَّتَهُ، وَكُلُّ اضْطِرَابٍ جَسَدِيٍّ يَنْعَكِسُ مُبَاشَرَةً عَلَى نَوْعِيَّةِ التَّفْكِيرِ وَعُمْقِهِ، لِذَلِكَ لَا وُجُودَ لِعَقْلٍ مُنْفَصِلٍ عَنِ الْجَسَدِ، بَلْ هُمَا وَحْدَةٌ وَاحِدَةٌ، وَمَا نُسَمِّيهِ عَقْلًا هُوَ فِي جَوْهَرِهِ جَسَدٌ مُفَكِّرٌ إِنَّ الْأَفْكَارَ لَا تُولَدُ مِنْ فَرَاغٍ، وَإِنَّمَا تَنْبَثِقُ مِنَ التَّجَارِبِ الْحِسِّيَّةِ وَالْحَرَكِيَّةِ وَالْعَاطِفِيَّةِ الَّتِي يَمُرُّ بِهَا الْإِنسَانُ فِي حَيَاتِهِ الْيَوْمِيَّةِ، وَمِنْ هُنَا يُصْبِحُ الْاِعْتِنَاءُ بِالْجَسَدِ شَرْطًا أَسَاسِيًّا لِلتَّفْكِيرِ السَّلِيمِ وَالْإِبْدَاعِ فَكَمَا أَنَّ الْجَسَدَ يَفْرَحُ