أريدك أن ترسم دمشق كلها كان الوليد مغرما بدمشق ، يحب أن يتجول بين أزقتها وحواريها، ويدخل بيوتها، ويشرب من ماءها ، ويتنسم هواءها وقد بنى على ضفاف نهرها بردى قصرا له، لدة إعجابه بهذا النهر وعذوبة مائه كان النهر يدخل دمشق ، ثم يتفرع ليسقس غوطتيها ، فيجعلها محفوفة بالبساتين للتي تحمل كل ثمار دمشق الشهيرة فلمّا أراد أن يبني لدمشق مسجدا ، جعله في قلبها على رابية عالية مشرفة فإذا وقف في المسجد ، أطل على دمشق وإذا وقف في دمشق ، في أي مكان منها وجد المسجد مرتفعا مشرفا عليها فلا تغيب دمشق عن ناظريه حين يكون في المسجد ، ولا يغيب المسجد عن ناظريه ، حين يكون في دمشق ثم أمر برسم دمشق بمعالمعا وقصورها وأنهارها وأشجارها بالذهب على جدران المسجد ، وقد علم الوليد أن الرومان يفعلون ذلك، فاستقطب من القسطنطينية رسامين ومزخرفين ، فأمرهم أن يتجولوا دمشق فيستطلعونها ويعرفون معالمها ، فإذا رفعت جدران المسجد ، رسموا دمشق بالنقوش الفسيفسائية على هذه الجدران ، من أقصاها إلى أقصاها وقال لهم ، لإن رزقت من الذهب ما يكفي لجعلته بين أيديكم حتى ترسموا دمشق بالذهب الخالص ، وأمرهم أن تحوي معالم دمشق وأنهارها السبعة، وألا يكون فيها بشر ولا حيوان ولا شيء فيه روح