أهلاً بكم مستمعينا في بودكاست خفيفة برعاية سونديلز
من رواية موت صغير للكاتب محمد حسن علوان
رفع مؤذننا أذان الفجر على أعتاب إشبيلية، فوليناها ظهورنا جميعاً مستقبلين القبلة لنصلي.
وبعد فراغنا من الصلاة، راقبتُ الرجالَ يعانقون الرجال، والنساء ينشجن على استحياء وهن يودعن بعضهن. وراح أبي وسلّوم يعدّان الركائب، ويرفعان هودج أمي فوق راحلتها. وناولتني أمي قطعة خبز من بقايا الأمس، وبرقوقة جافة لإفطاري.
وبدأت أختاي تهزجان بأهازيج الأطفال، وقد استولت عليهما فرحة دخول إشبيلية. وكنت حتى البارحة لا أقلّ عنهما شوقاً وترقباً، حتى أني بالكاد نمتُ ليلتها.
فور عبورنا باب المدينة، استوقفنا الحراس ومعهم عرفاء القوافل، وراح قائد القافلة يتحدث معهم:
– من أين جئتم؟
– من مرسيّة وأعمالها، ومعنا قلة من أعمال جيان.
– هل أحدٌ من غير أهل الأندلس والمغرب؟
– لا أحد إلا عبيدنا.
– هل تحملون تجارة أحد من جنوة أو سردانية؟
– لا نحمل إلا متاعنا.
فانتحى العريف جانباً وأشار للحرس، فراحت القافلة تتهادى ببطء لتدخل المدينة، ثم صاح بقائد القافلة وهو يمتطي فرسه:
– فكوا الخطام وتفرّقوا في الساحة التي أمامكم، ولا تدخلوا شوارع المدينة دفعةً واحدة، فتثير دوابكم الغبار.
فأومأ له قائد القافلة بالموافقة، وهرع خدم القافلة يفكّون الخطام، واستمر العريف في نشر أوامره، رافعاً صوته مع تصاعد جلبة القافلةوهي تهمّ بالدخول:
– ولا تدخلوا الأسواق على ظهور الدواب ، ولا ترسلوها من غير ممسك.
شكراً لحسن استماعكم دمتم بخير وإلى لقاء آخر مع رواية جديدة
سونديلز منصة التعليق الصوتي