وفقًا لمسحٍ غير رسميّ لآراء مستخدمي تطبيقات الكتب الصوتيّة، أظهر المستخدمون امتنانهم لهذه التقنيّة التي أتاحت لهم مضاعفة عدد الكتب التي يقرؤونها (تشمل القراءة أيضًا الاستماع للكتب الصوتيّة)، لكن أبدى العديد منهم أسفهم لافتقار هذه التطبيقات للتنوّع وندرة الكتب العلميّة، حيث تسيطر الروايات على أكثر من نصف الكتب المتاحة بالصيغة الصوتية.
وللحقيقة فإنّ هناك أسباب منطقية وراء هذه الظاهرة، حيث إنّ جمهور المستمعين بشكلٍ عامّ يطلب الروايات بنسبة تزيد عدّة أضعاف عن بقيّة أنواع الكتب، لكن هذا ليس كلّ شيء، وتأتي الصعوبات التقنيّة كأهمّ الأسباب لتحويل الكتب العلميّة للصيغة الصوتية، فغالبًا ما تحوي الكتب العلميّة أيًّا كان التخصّص الذي تبحثه الكثير من الرسوم التوضيحيّة والمخطّطات البيانيّة وربّما معادلات رياضيّة وجداول إحصائيّة وخرائط ... إلخ، كلّ هذه الأصناف من المعلومات يصعب التعامل معها بالصوت فقط، عدا عن إنّ قراءة الكتاب الاختصاصي يلزمه معلّق صوتي مطّلع في ذاك الاختصاص وليس مجرّد قارئ متمكّن من اللغة.
تعرّفنا على الصعوبات في مجال الكتب الصوتيه، لكن ما هي الحلول؟
قبل كلّ شيء يجب أن يكون القارئ ذو اطّلاعٍ على المادّة العلميّة التي يبحث فيها الكتاب، فإنْ لم يكن مختصًّا فليكن مثقّفًا على الأقلّ، لأنّ تحويل الرسوم والمخطّطات البيانية إلى نصٍّ يسهل فهمه من قِبَل المستمع ليس بالأمر الهيّن الذي يمكن لأيّ معلّق صوتي القيام به.
ثانيًا يأتي دور كتابة السيناريو التوضيحي للمادّة العلميّة المصوّرة، بعبارة أخرى هو "إعادة صياغة" بعض فقرات الكتاب (أو الكتاب كاملًا) ليتناسب مع الإصدار الصوتي، وهذه الخطوة تحتاج حرفيّة عاليّة من الشخص الذي سيحرّر المادّة العلميّة، لذلك ليس بالضرورة أنْ يكون المعلّق الصوتي الذي سيقرأ الكتاب هو ذاته المحرّر، حيث يوجد محرّرون مختصّون بإعادة صياغة الكتب من أجل تحويلها لإصدارٍ صوتيّ، يمكنك الوصول إليهم من صفحة خدمات ساونديلز، لكن عليك الانتباه فمحرّر كتب الفلك يختلف عن محرّر الرياضة أو محرّر الجغرافيا.
وسأوضح الأفكار السابقة بهذه الأمثلة:
وردَ المخطّط التالي في تقرير مركز بيو للأبحاث حول الحرّيّة الدينيّة في نهاية عام 2015، سأقترح السيناريو التالي لقراءة هذا المخطّط في حال أردنا تحويل التقرير لصيغة صوتيّة:
المثال التالي من تقرير حول نسبة محتوى الإنترنت من كلّ لغة ومقارنته بعدد المتحدّثين بتلك اللغة، وأقترح لقراءته السيناريو التالي:
الإسبانية، الفرنسية، اليابانية، البرتغالية، الإيطالية، الفارسية، الصينية، البولندية، الهولندية، التركية، التشيكية، الكورية، العربية التي تمتلك 0.6% من المحتوى العالمي رغم أنّ عدد المتحدّثين باللغة العربية أكثر من 300 مليون انسان، ومن الملفت للنظر أيضًا أنّ اللغة الصينية لديها 1.8% من المحتوى العالمي للإنترنت رغم أنّ المتحدّثين بالصينيّة مليار وربع المليار.
قد تتساءل، عند مقارنة السيناريو المقترح بالمخطّط البياني السابق لن تجد كلّ هذه المعلومات، لكن لو أراد مرّ أيّ قارئٍ على المخطّط السابق وأمعن النظر فيه سيلاحظ كلّ هذه الملاحظات التي أوردنا بعد كلمة "الملفت للنظر" لأنّه وبحسب المشتغلين بالإحصاء فإنّ الهدف من استخدام المخطّطات البيانية ذات القطّاعات الدائريّة هو إبراز حجم شريحة ما مقارنةً بالمجموع الكلّي وكذلك مقارنة بباقي الشرائح، ولو لم يكن الكاتب يقصد لفت نظر القارئ لهذا الأمر لم يكن ليستخدم هذا النمط من عرض البيانات، بل لكان اكتفى بسرد البيانات نفسها بجدول أو قائمة مرقّمة.
هنا يظهر بوضوح أثر الخبير في نقل البيانات من شكلها الرمزي الصوري إلى سيناريو يمكن فهمه عن طريق الاستماع فقط.
انتهت نصائحنا حول تحويل الكتب العلمية إلى الإصدارات الصوتيّة، ولمزيد من النصائح حول العمل بالكتب الصوتيّة من البداية حتى الاحتراف توجّه للمقال "إنتاج الكتب الصوتية حماية للتراث في أذهان جيل المستقبل"