(( صفعتني زوجتي))

ذات عودة صفعتني زوجتي..
استقبلتني على عتبة الباب بكفٍ مرفوع انهالت به فوق صدغي في قوةٍ ارتج لها كياني كله..
لم تصب كرامتي حينها قدر ما أصابت احساسي بالمسؤلية..
هاتفتني ليلتها مرات ومرات.. كل ماطلبته هو أنيس يشاركها العشاء.. وبضع كلمات احتملت كتمانهم حتى أعود.. بيد أني بحجج الانشغال الواهية تأخرت..
صفعتها كانت تحمل كماً كبيراً من خذلان الانتظار..
كانت تحتاج اليّ..
وكنت انا المذنب..
قرأت الأمر من عينيها الدامعتين.. وشفتيها المرتعشتان ارتعاشة اليد التي حملت قدراً من الحسرة الناقمة فوق وجهي..
لم أعرف حقيقة الأمر يومها.. ولكني شعرت به.. وأدركته منها بعد شهور ستة.. وهي تودعني من على فراش فارقت الحياة فوقه..
- سامحني اذ صفعتك حينها..
كنت كسيرة ضائعة.. افقدني اليأس صوابي..
وددت لو تشاركني حزناً موجع.. وصدمة ألجمت عقلي وكل أمل حييت لأجله..
هذا يوم أدركت نتيجة التحاليل..
أنا امرأة التهم الورم الخبيث خلاياها.. وبات دوائها انتظار الموت..
كل ما وددته هو ان تحمل جزءاً من الألم معي..
لكنك لم تفعل هذا..
فقط..
وان شئت الدقة في التعبير.. أنت حملت مني الألم كله..
صفعتك ولم تنفعل..
أذكر قبضتك التي احتوت كفي قبل ان ترفعه لتقبله شفتاك..
ونظرتك التي ارتويت منها حناناً يكفيني لعمر يضاعف سنوات عمري..
وكلماتك القصيرة المقتضبة..
(( أنا آسف))..
كيف يصمني المرض بالضعف وأمامي سيد رجال الكون يعتذر؟..
لقد منحتني ردة فعلك قوة لم أكن قبل لحظتي تلك أدركها..
وألهمني تقبلك للأمر صبراً جعلني أرى المحنة رغم فجيعتها صغيرة..
أي عمرٍ تائقة أنا لأحياه.. وقد وصلت لمنتهى معناه معك؟..
ان رجلاً عظيماً يعشق مثلك.. نساء الكون تكفيهم لحظة بجواره..
حين أخبرتني الطبيبة ان ايامي في الدنيا لم تعد طويلة حزنت..
ولكنك بلثمة فوق كفي الحزين من شفتيك أخبرتني أني أسعد نساء الدنيا..
وأكثرهم حظاً..
رحلت معشوقتي الوحيدة بعد انتهاء عبارتها..
كالملائكة أغمضت عينيها وأمالت رأسها فوق كتفي..
ربما مر على رحيلها الكثير..
لكني مازلت.. اتحسس وجنتي بفيض من حنين كلما وقفت على شاهد قبرها..
لقد صفعتني ذات مساءٍ زوجتي..
فانتزعت مني رجلاً حقيقي..
يعشق..