عزيزي ثيو: إلى أين تمضي الحياة بي؟ ما الذي يصنعه العقل بنا؟ إنه يفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة إنني أتعفن مللا لولا ريشتي وألواني هذه، أعيد بها خلق الأشياء من جديد كل الأشياء تغدو باردة وباهتة بعدما يطؤها الزمن ماذا أصنع؟ أريد أن أبتكر خطوطا وألوانا جديدة، غير تلك التي يتعثر بصرنا بها كل يوم كل الألوان القديمة لها بريق حزين في قلبي هل هي كذلك في الطبيعة أم أن عيني مريضتان؟ ها أنا أعيد رسمها كما أقدح النار الكامنة فيها في قلب المأساة ثمة خطوط من البهجة أريد لألواني أن تظهرها، في حقول الغربان وسنابل القمح بأعناقها الملوية وحتى حذاء الفلاح الذي يرشح بؤسا ثمة فرح ما أريد أن أقبض عليه بواسطة اللون والحركة للأشياء القبيحة خصوصية فنية قد لا نجدها في الأشياء الجميلة وعين الفنان لا تخطئ ذلك غليوني يشتعل: الأسود والأبيض يلونان الحياة بالرمادي للرمادي احتمالات لا تنتهي: رمادي أحمر، رمادي أزرق، رمادي أخضر التبغ يحترق والحياة تنسرب للرماد طعم مر بالعادة نألفه، ثم ندمنه، كالحياة تماماً: كلما تقدم العمر بنا غدونا أكثر تعلقا بها لأجل ذلك أغادرها في أوج اشتعالي ولكن لماذا؟! إنه الإخفاق مرة أخرى لن ينتهي البؤس أبداً وداعاً يا ثيو، سأغادر نحو الربيع