كان قطارُ الدلتا كذلك جزءا مكملاً للحياة في قريتِنا، فهو بطيءٌ يسمحُ بالتحياتِ والسلاماتِ والدعوات وفى ريفِنا لا غربةٌ ولا اغتراب كلُ الناسِ أقارب كلُ الناس، أو أصهارٌ كلُ الناس والقرابةُ ليست قاصرةً على صلةِ العُمومة أو عُمومةِ العُمومة قد يكون الخالُ خالاً لابنِ الخال، فتكونُ القرابةُ قرابةً في كل الأحوال وقد تكونُ المصاهرةُ مصاهرةً بين الجيران، لتقومَ روابطُ أقوى من روابطِ الدم في بعض الأحيان وفى قطارِ الدلتا، يصبحُ الجميعُ أقاربَ أو أصهاراً، وتبدأ حكاياتٌ لا تنتهي، وقد تفوتُ المحطةُ أحدَ الركاب، قبل أن يُتمَّ قصةً يحكيها، فلا يسكتُ عن روايةِ القصة، ولكنه يأبى أن ينزلَ فى المحطةِ التي يقصِدُها، ولا بأسَ من أن يعودَ على قدميه إلى مقصده وكان عطية الحاج محروس مبهورا بهذا القطار، فقد كان من أحبِ ما في القرية إلى نفسه