هذا هو الكتاب الثاني والأربعون من سلسلة أقدّم لكوهو يعرض لدراسة مبسّطة لعلم الاجتماع ويبدأ بمحاولة لتعريفه فيقول إنّه ذلك العلم الذي قد يبدو في ظاهره واضحاً وبسيطاً: مثل كيف يعمل المجتمع؟ وكيف يتطوّر؟ فيجد أن الأمر بالغ الصعوبة لا سيما إذا كانت هناك تفسيرات متعدّدة للمجتمع: فالشيوعية، والرأسمالية، والسوق المفتوح، والاقتصاد المشترك، كلها أشكال مختلفة من المجتمعات، بل إننا نجد من ينكر وجود المجتمع أصلاً! وإذا قلنا - من ناحية أخرى - إن علم الاجتماع يقوم بتفسير الظواهر الاجتماعية، لوجدنا من يعتقد أن هذا العلم - لهذا السبب - اكتسب سمعة سيئة لأنه يميل - عند قيامه بهذه المهمّة - الى استخدام العديد من النظريات المسبقة التي تحيل المسائل السهلة البسيطة إلى امور معقّدة غامضة تجعلنا نغرق في بحور الأيديولوجيا! وإذا كان تعريف العلم على هذا القدر من الصعوبة، فإن المؤلف يتحوّل الى تاريخه باحثاً عن جذور علم الاجتماع، ويرفض أن يردّها الى أفلاطون لأنه - في رأيه - لم يكن عالم اجتماع، ومن ثم يرى أن علم الاجتماع الحديث يبدأ منذ ازدهار العلوم والفلسفة في عصر التنوير في القرن الثامن عشر فهو انعكاس للمجتمعات الحديثة، وللثورة الصناعية التي أدّت يدورها الى ثورة اجتماعية في العادات والتقاليد والقيم والمعايير إلخ فإذا تساءلنا من الذي أسس علم الاجتماع؟ فإن المؤلف يرى - أغلب الظن - أنهم الفرنسيّون، لما أحدثته ثورتهم عام 1789 من تغييرات هائلة وحاسمة وجريئة وهو - وإن أشار إشارة سريعة الى مونتيسكيو وكتابه روح القوانين - فإنه يعتبر أوجست كونت (1798 - 1857) أول من صاغ علم الاجتماع، وكان بفلسفته الوضعية أوّل من دعا الى معالجة الظواهر الاجتماعية بمناهج العلم والابتعاد عن التفكير اللاهوتي والميتافيزيقي، وهي ألوان من التفكير ساءت مراحل سابقة، لكنها الآن قد عفا عليها الزمان حيث أصبح العلم بمناهجه هو المهيمن على ساحة التفكير بأسرها