كيف تساعد تقنيات الذكاء الصناعي في صناعة البودكاست

راغب.ب 29 سبتمبر 2021 1.7k 15
سجل الآن وشارك في الحوار واستفد من الخبرات

تحدّثنا في مقالنا المعنون "التعليق الصوتي في عصر الذكاء الاصطناعي" كيف أنّ الآلة يمكن أن تحلّ محل البشر في التعليق الصوتي، وكيف يمكن محاكاة أداء شخص محدّد، لكن في مقالنا اليوم سنتطرّق لناحية مختلفة من أثر الذكاء الاصطناعي على عمل البودكاست وهذه المرّة من ناحية إيجابية.

لطالما تناولت المقالات والأحاديث الدارجة الأثر السلبي للذكاء الاصطناعي على البشر والعمالة البشرية بشكلٍ خاصّ وكيف أنّ الآلات ستحلّ محلّ الإنسان، لكن اليوم سنرى كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة البودكاست.

ما هي المهارة الأبرز للذكاء الاصطناعي؟

يتميّز الذكاء الاصطناعي بقدرته على معالجة البيانات الضخمة واكتشاف الأنماط والتعلّم منها، واليوم نعيش في طوفان من البيانات، هذه البيانات التي تنتج عن كلّ حركة نتحرّكها أو كلمة نقولها أو نكتبها، بالرغم من كمية البيانات المهولة التي تجمعها التطبيقات عنّا إلا إنّ هذه البيانات لن يكون لها قيمة تُذكر ما لم تُعالَج وينتج عنها معطيات مفيدة، فما الذي يمكن أن تستنجه برمجيّات جوجل عنّي لو كان في سجّل حركاتي زيارة متكرّرة لمخزن الأدوات الطبية؟ ستستنتج أنّي مهتمّ بهذه المنتجات إما لتجارة أو مرض، وبالتالي ستظهر لي إعلانات في هذا المجال أثناء تصفّحي للإنترنت.

بالحديث عن البودكاست، ما هي البيانات التي تجمعها البرمجيّات عن المستمعين؟

تجمع تطبيقات الاستماع للبودكاست معلومات حول الكلمات المفتاحية التي يبحث عنها المستمع، وإحصائيات للعناوين التي استمع إليها، وكم الوقت الذي قضاه أثناء استماعه لها، وهل أكمل الاستماع حتى نهاية الحلقة أم لا، وعدد مرات الإعجاب والمشاركة لكلّ حلقة، وعدد مرات تحميل الحلقات، هذا ما هو معروف بشكلٍ واضح ورسمي، لكن قد يكون هناك تكاملًا فيما بين التطبيقات، فبما أنّ جوجل نفسها تمتلك تطبيق استماع للبودكاست وتطبيقًا للخرائط ولديها محرّك بحث فيمكنها دمج المعلومات التي تجمعها من كلّ هذه التطبيقات لنفس المستخدم والخروج بنتائج أدقّ عن تفضيلاته.

حسنًا لقد وصلنا للكلمة الجوهرية، وهي "التفضيلات"، ألَم تشعر في يومٍ ما أنّ يوتوب ذكيٌ ويفهم ما تريد حتى بدون أن تكتب له، فبمجرّد دخول إلى التطبيق ستجد في الصفحة الرئيسية ترشيحات تتناسب مع ذوقك، كيف عرف هذا؟ دعك من نظريات المؤامرة والتجسّس، إنّ يوتوب يمتلك بياناتٍ عنك قد لا تعرفها أنت شخصيًا ولا حتى نظام مخابرات دولتك، وذلك بفضل بيانات التصفّح والبحث والإعجابات التي تركتها في السابق، وبناءً على كلّ تلك المعلومات سيعرف تفضيلاتك ويرشّح المناسب لها، هذا بالضبط ما تفعله تطبيقات البودكاست وكذلك أنستاغرام وتيكتوك وغيرها.

الذكاء الاصطناعي يعرف عنّي أكثر منّي، هل يمكنه تقليدي؟

نعم، ولا بنفس الوقت، هو يستطيع تقليدك لو شاء، لكنه لا يفعل ذلك، فلا حاجة لذلك مالَم تكن شخصيّةً شهيرة، لقد ذكرنا في المقال المشار إليه أعلاه أنّ الآلة يمكن أن تحلّ محلّ البشر حتّى في التعليق الصوتي، وذلك بمحاكاة أداء المعلّق الصوتي في قراءته للكتب أو للأخبار أو تقديمه البرامج الحوارية، وذلك بعد استماعها إلى كمية كافية من أداء ذاك المعلّق في كلّ حالاته، حسنًا هذا رائع، استطاعت الآلة تقليد المعلّق من حيث طبقة الصوت ونبرته ولهجته الخ، لكن من أي للآلة أن تأتي بسيناريوهات الحوار؟

يسعدني أن أخبرك بأنّ لدى الذكاء الاصطناعي القدرة على تأليف النصوص وكتابة السيناريوهات، بل إنّه قادر على إنتاج رسوم تضاهي لوحات عصر النهضة لدافنشي وبيكاسو وذلك كالعادة بعد تغذيته بعددٍ كافٍ من اللوحات، وفي حالة النصوص بعد تغذيته لعدد كافٍ من النصوص المكتوبة، بالإضافة لمجموعة من البيانات الأخرى كقاموس الكلمات وطريقة الاشتقاق وتركيب الجمل وفهرس الموضوعات، ويوجد الآن أدوات كثيرة وبعضها مجاني يمكنها تأليف النصوص بعد إعطائها موضوعًا فقط، مثلًا اكتب لي مقالًا بطول كذا كلمة يتحدث عن البطريق وسينفّذه خلال ثوانٍ.

هل ما زال تأثير الذكاء الاصطناعي إيجابيًا على البودكاست؟

بالرغم من أنّ الآلة يمكنها اختيار موضوع الحوار وتأليف نصوصه، وطرح الأسئلة بالصوت الذي ترغب به (وقد يكون صوتًا شهيرًا) إلا أنّ عمل البشر في البودكاست لم يُهدّد بعد، لأنّ كفاءة تأليف النصوص ليست بالقوة التي يمكن الاعتماد عليها (خاصّة في اللغة العربية)، لكن تقليد الأصوات فكفاءته عالية، لذا يمكن تطويع هذا الأمر، وذلك بالإبقاء على نموذج عملنا البشري الحالي، لكن لنترك الآلة تحاورنا إما بطرح الأسئلة المعدّة سلفًا من طرفنا، أو لنرى كيف سيجيب عن الأسئلة التي نطرحها في الحوار بحيث تكون الآلة هي ضيف البودكاست.

ماذا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدّم أكثر؟

يمكن للتقنية بشكلٍ عام أن تقدّم لنا المزيد، وليس بالتحديد الذكاء الاصطناعي، مثلًا تقنية البلوكتشين، التي بُنيت العملات الرقمية على أساسها، يمكنها أن تفيدنا في البودكاست باعتباره منتجًا رقميًا، فنستطيع إبرام العقود الرقمية المشفّرة بالبلوكتشين بنفس تقنية الإيثيريوم، ومن ثمّ بيع منتجاتنا الصوتية أو توزيعها بشكلٍ مضبوط، للمزيد عن هذه التقنية راجع مقالنا بعنوان "الـ NFTs ودوره في حماية ملكية المحتوى الرقمي

 

 

نشر بتاريخ 29 سبتمبر 2021 10:05 ص
آخر تحرير 29 نوفمبر 2021 12:00 ص

أضف تعليق

.
0
2025-07-19T12:41:17+03:00
جميل جدا
0
2025-07-06T15:26:20+03:00
جميل ماشاءالله
0
2025-06-27T17:10:54+03:00
كلام رائع استمر في نشر هذا المحتوى المثمر شكرا لك
0
2025-06-03T10:55:23+03:00
جمييل
0
2025-04-19T01:28:36+02:00
رائع
0
2025-04-16T16:21:50+02:00
جميل
0
2024-10-26T12:10:21+03:00
0
2024-10-13T20:31:05+03:00
شكرا
0
2024-09-18T04:15:02+03:00
التكنولوجيا والتطور سلاح ذو حدين
0
2024-08-30T21:26:41+03:00
سبحان الله .. علم الإنسان مالم يعلم
0
2024-07-14T20:01:29+03:00
جميل
0
2024-04-30T20:13:34+03:00
التكنولوجيا و الانسان و لسا
0
2024-04-01T15:41:57+02:00
جزاك الله خيرا
0
2023-12-26T20:33:53+02:00
جيد
0
2023-10-29T12:29:47+02:00