هل تسائلت يومًا عن سر عبارات مثل "لفترة محدودة" أو "احصل على الخصم الآن" في جذب العملاء وزيادة مبيعاتك؟ السر يكمن في استغلال مشاعر العميل لجذبه لمنتجك أو خدمتك خوفًا من أن تضيع عليه فرصة مميزة. استغلال تلك المشاعر هو طريقة تسويقية لخدمتك تسمى التسويق العاطفي. ماهو التسويق العاطفي؟ وما هي الاستراتيجية الناجحة له؟ وما المخاطر من استخدامه بطريقة غير مناسبة؟ كل ذلك ستتعرف عليه في تلك المقالة فتابع معنا.
ما هو التسويق العاطفي
التسويق العاطفي هو طريقة لربط العملاء عاطفيًا بمنتجك أو خدمتك. بعبارة أخرى هو استراتيجية تسويقية تهدف إلى إثارة مشاعر معينة لدى العملاء لخلق رابطة عاطفية قوية مع العلامة التجارية أو المنتج. بدلاً من التركيز على المميزات للمنتج، يركز التسويق العاطفي على استحضار مشاعر مثل السعادة، والحزن، والفرح، والحنين، أو حتى الخوف، لتحفيز العملاء على الشراء.
يُعدّ التسويق العاطفي أداة قوية لزيادة المبيعات وبناء الولاء للعلامة التجارية، وذلك لأنّ الناس يتخذون قراراتهم الشرائية بناءً على عواطفهم أكثر من المنطق. و يرجع ذلك إلى أن العاطفة تقود العقل أكثر مما يقود العقل العاطفة في اتخاذ القرار. نحن نحتاج إلى 3 ثوانٍ أو أقل لتكوين ردرود فعل فطرية على هيئة أحاسيس ومشاعر أو انفعالات؛ لأن العاطفة تعالج المدخلات الحسية في خُمس الوقت الذي يستغرقه الجانب المسئول عن الادراك والوعي للقيام بالمهمة نفسها و هذا ما يفسر أن استجابتنا العاطفية تجاه مثير تكون أسرع من اسجابتنا العقلية تجاه المثير نفسه وهو ما يفسر السلوك الذي نقوم به.
لماذا التسويق العاطفي مهم؟
هل سمعت من قبل عن علم شفرة الوجه؟ علم قراءة شفرة الوجه هو أداة قوية لفهم المشاعر الإنسانية من خلال ملامح الوجه، يعتمد على مبدأ أن تعابير الوجه تُعكس مشاعرنا الداخلية بشكل دقيق، حتى لو حاولنا إخفاءها. ومن خلال تحليل ملامح الوجه، يمكن استنباط معلومات حول ما يفكر فيه الشخص، وما يشعر به، وحتى ما قد يفعله في المستقبل.
يساعدك فهم وقراءة المشاعر على فهم احتياجات العملاء بشكل أفضل واستهدافهم بشكل فعّال، كما يساعد في قياس فعالية الحملات التسويقية، وإثارة المشاعر الإيجابية لدى العملاء. كما يساعدك على فهم المشاعر السلبية تجاه المنتج أو الخدمة التي تقدمها مما يساعد في تحسينها.
يمكنك الوصول لتعبيرات وجوه جمهورك إذا كانت الحملات التسويقية أون لاين من خلال تعبيرات الوجوه التي يستخدموها (الإيموجي) في التعليقات. أما في حملات التسويق أوفلاين فيكون بعمل استطلاعات الرأي مع الناس في الشارع وتسجيلها فيديو وتحليلها.
وبفهم تلك المشاعر والمثيرات التي أدت لحدوثها يمكنك الاستفادة منها في التأثير على جمهورك بطريقة ذكية. تظهر أهمية استخدام العاطفة مع التسويق في:
خلق روابط قوية:
يُساعد ربط العلامة التجارية بمشاعر إيجابية مثل السعادة أو الحنين إلى الماضي على بناء علاقة عاطفية قوية مع العملاء، ممّا يدفعهم للولاء والانتماء.
زيادة التفاعل:
تُحفّز المشاعر الناس على التفاعل والمشاركة، ممّا يُعزّز من انتشار العلامة التجارية ويزيد من وعي الجمهور بها.
تعزيز اتخاذ القرارات:
تلعب المشاعر دورًا هامًا في اتخاذ القرارات، فمن خلال ربط المنتج بمشاعر إيجابية، يُصبح المستهلك أكثر ميلاً للشراء.
تحسين تذكر العلامة التجارية:
تبقى العلامات التجارية التي تُثير مشاعر قوية في ذاكرة المستهلك لفترة أطول، ممّا يجعلها أكثر تميزًا عن المنافسين.
استراتيجية التسويق بالمشاعر الناجحة
لتطبيق استراتيجية التسويق العاطفي تحتاج إلي:
تحديد الهدف من الاستراتيجية
إذا كان زيادة الوعي بعلامتك التجارية أو تحقيق مبيعات، على أساس الهدف توضع الخطة.
تحديد المشاعر
هل ستكون فرح أو حب أو اطمئنان أو خوف. اختيار العاطفة لابد أن تكون متماشية مع العلامة التجارية.
تحديد الجمهور المستهدف ودراسة سلوكه
بالتأكيد التعبير عن مشاعر الحب للشباب تختلف عن الكبار والتعبير عند الرجال يختلف عن النساء، وبتحديد الفئة المستهدفة لمنتجك أو خدمتك أساس لاختيار طريقة التعبير عن العواطف.
القصص
يحب الناس الاستماع للقصص سواء كانت حقيقية أو خيالية، تُساعد القصص على ربط العلامة التجارية أو المنتج بتجارب بشرية مما يخلق شعورًا بالتعاطف والتفاهم. شجع جمهورك لحكي قصصه مع خدمتك، فمثلًا كيف أن مستواه تطور جدًا بعد التدريب معك وكيف ساعده ذلك في الحصول على وظيفة أحلامه.
اقرأ التسويق العاطفي قوة التسويق بالفيديو والسرد للتعرف أكثر على كيفية استخدام القصص في الترويج لعلامتك التجارية.
استخدام الموسيقى
تُثير الموسيقى مشاعر قوية وتُساعد على تذكر العلامة التجارية.
استخدام الصور ومقاطع الفيديو
تُحفز الصور ومقاطع الفيديو المشاعر بشكل مباشر، مما يجعلها أدوات قوية للتسويق العاطفي.
استخدام الفكاهة
تُضفي الفكاهة لمسة إنسانية على العلامة التجارية وتجعلها أكثر سهولة في التعامل معها.
الاستعانة بالمشاهير
يُضفي المشاهير الثقة والمصداقية على العلامة التجارية، ويجذبون انتباه جمهورك.
الألوان
لها دور أساسي في جذب الانتباه لمشروعك، فلكل لون مشاعر وعواطف خاصة فمثلًا اللون الأحمر يدل على الحب والإثارة والفرح. لذا كن حريصًا في اختيار الألوان المناسبة.
إليك بعض النصائح لاستراتيجية تسويق بالعاطفة ناجحة.
- من المهم استخدام تقنيات التسويق العاطفي بحكمة وأخلاقية، مع تجنب استغلال مشاعر المستهلكين أو خداعهم.
- يجب أن تُناسب تقنيات التسويق العاطفي قيم العلامة التجارية وجمهورها المستهدف.
- ينجح التسويق العاطفي عندما يكون مدعومًا بجودة المنتج أو الخدمة، وخدمة العملاء المميزة، وتجربة العلامة التجارية المتكاملة.
المشاعر التي يمكن استخدامها في التسويق العاطفي
المشاعر الإيجابية:
السعادة: ربط منتجك أو خدمتك بمشاعر السعادة والفرح يُشجّع العملاء على الشراء.
الحب: إثارة مشاعر الحب والاهتمام تخلق رابطة عاطفية قوية مع جمهورك.
الإلهام: استخدام قصص ملهمة تُحفّز العملاء على تحقيق أهدافهم باستخدام منتجك أو خدمتك.
الثقة: بناء الثقة يُشجّع العملاء على الشراء منك والشعور بالأمان.
التقدير: إظهار التقدير لعملائك يُعزّز ولاءهم للعلامة التجارية.
المشاعر السلبية:
الخوف: استخدام الخوف بشكل مُتقن يُحفّز العملاء على اتخاذ الإجراء لتجنب الخطر.
الحزن: ربط منتجك أو خدمتك بحلّ لمشكلة عاطفية يُشجّع العملاء على الشراء.
الغضب: استخدام الغضب بشكل مُتقن يُحفّز العملاء على اتخاذ موقف أو دعم قضية.
الفكاهة: استخدام الفكاهة بشكل مناسب يخلق تجربة إيجابية تُشجّع العملاء على التفاعل مع علامتك التجارية.
مخاطر التسويق العاطفي
بالرغم من أهمية التسويق العاطفي إلا أن هناك بعض المخاطر التي يجب تجنبها حتى لا تضر بعلامتك التجارية ومنها:
التلاعب بالمشاعر:
قد يُساء استخدام التسويق العاطفي للتلاعب بمشاعر المستهلكين واستغلال نقاط ضعفهم، ممّا يُخلّ بالأخلاقيات ويُثير استياء الجمهور.
خلق توقعات غير واقعية:
ربط المنتج بمشاعر قوية قد يُخلق توقعات غير واقعية لدى المستهلكين، ممّا قد يُؤدّي إلى خيبة الأمل عند عدم تلبيتها.
المسؤولية الاجتماعية:
تتحمل الشركات مسؤولية استخدام التسويق العاطفي بطريقة إيجابية تُعزّز القيم الاجتماعية والأخلاقية، وتجنّب استغلال المشاعر أو الترويج لمنتجات ضارّة.
فهم المشاعر بشكل خاطئ:
قد تفشل الشركات في فهم مشاعر المستهلكين بشكل صحيح، ممّا قد يُؤدّي إلى استخدام رسائل عاطفية غير ملائمة أو مُسيئة.
أمثلةعلى التسويق العاطفي
شركة "طيران الإمارات" للخطوط الجوية:
الحملة: "أهلاً وسهلاً بكم في وطنكم الثاني"
ركزت الحملة على مشاعر الضيافة والكرم العربية، وخلق شعور بالانتماء لدى المسافرين العرب، مما أثار مشاعر الراحة والأمان.
ساعدت الحملة على تعزيز صورة "طيران الإمارات" كشركة طيران عربية تُقدم خدمات مميزة تُلبي احتياجات المسافرين العرب، مما زاد من ولاء العملاء.
شركة "أرامكو السعودية" للبترول
الحملة: "نُضيء مستقبل المملكة العربية السعودية"
ركزت الحملة على دور "أرامكو السعودية" في تنمية المملكة العربية السعودية وتحسين حياة المواطنين، مما أثار مشاعر الفخر والاعتزاز لدى العملاء. ساعدت الحملة على تعزيز صورة "أرامكو السعودية" كشركة وطنية مسؤولة تُساهم في تحقيق التنمية المستدامة للمملكة، مما زادت من ثقة العملاء.
شركة "مجموعة زين" للاتصالات:
الحملة: "معًا نبني مستقبلًا أفضل"
ركزت الحملة على دور "مجموعة زين" في ربط الناس وتوفير فرص جديدة لتحقيق أحلامهم، مما أثار مشاعر الأمل والتفاؤل لدى العملاء. ساعدت الحملة على تعزيز صورة "مجموعة زين" كشركة اتصالات تُساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة العربية، مما زاد من قاعدة العملاء.
في النهاية يُعدّ التسويق العاطفي أداة قوية لزيادة المبيعات وبناء علاقات قوية مع العملاء.
ومع ذلك، من المهمّ استخدامه بحذر وأخلاقية، مع مراعاة المخاطر المحتملة وفهم مشاعر المستهلكين واحتياجاتهم.
كل الشكر لجهودك