هناك غموضً يكتنف عملية التسعير في عمل التعليق الصوتي، وهذا شأن جميع الفنون والأعمال التي تكون المهارة والوقت أعمدتها الرئيسة، مثل الخطّ والرسم، حيث يرى العملاء أنّ المحترف قد انتهى من تنفيذ العمل المطلوب خلال ساعة أو يوم أو أسبوع، لكنه لا يرى ولا يمكنه تخيّل الوقت الذي صرفه هذا المحترف على التدريب أو الكلفة المادية التي قد تكلّف بها من هدر موادّ تدريب أو إفشال مشاريع حقيقية ذات قيمة، حتى وصل لهذه الدرجة من الاحتراف.
لذا عليك قبل تسعير خدماتك أن تضع في الحسبان جميع هذه العوامل التي سنسمّيها عوامل ذاتية، بالإضافة إلى عوامل ترتبط بالمشروع نفسه وطريقة عرضه والكثير من الأمور، تعرّف عليها من هنا.
وفي هذا المقال سنقدّم لك أربع نصائح من أجل الحصول على عائد أكبر أو عائد أكثر عدلًا بالنسبة لك ويضمن عدم هدر جهودك ومواردك.
أولًا: ضع حدًّا أدنى لبدء العمل على مشروع جديد.
رغم غرابة الفكرة إلا أنّها مطبّقة منذ زمنٍ بعيد من قِبَل العديد من أصحاب المهن العضليّة مثل العتالة أو قيادة الشاحنات،
حيث يقول السائق للزبون "أنا لا أدير مفتاح شاحنتي إنْ لم أحصل على 200 دولار فما فوق".
قد يتسبّب هذا الأسلوب في المماكسة فقدان بعض الصفقات، لكن فكّر للحظة ما هو نوع الصفقات التي فقدتها؟ إنّها مشاريع صغيرة جدًّا تشبه تحريك شاحنة لنقل ثلاثة كيلوغرامات من البطاطا.
إنّ الانشغال بمشاريع غير مجدية سيحرمك من التعاقد على مشاريع أكبر وأهمّ، لذا عليك تحديد حدٍّ أدنى لحجم العائدات من المشاريع التي يمكنك تنفيذها.
ثانيًا: لا ترخّص نفسك.
رغم أنّنا ندعو على الدوام للتراحم، ومن بين أساليب التراحم هو مراعاة ظروف العملاء، لكن هذا لا يعني أنْ نرخص أنفسنا أو نحرق الأسعار بحجة القيام بحملة تسويقية، فنحن المعلّقون المحترفون نعمل لكسب عيشنا، كما أنّنا نقدّم خدمةً ذات كلفة عالية، حيث يستهلك التدريب والتجهيزات أموالًا ووقتًا كبيرًا جدًا، والأمر ليس مجرّد نطق كلماتٍ مجّاني.
الأمر الآخر وهو للأسف أنّ العملاء لا يفسّرون السعر الرخيص دومًا على أنّه ميزة، بل يمكن أن يُحجِموا عن التعامل مع المعلّق ذي السعر الرخيص لأنّهم يظنّون أنّه أقل كفاءةً من ذي السعر الأعلى، لذا عليك تسعير خدماتك وفق السلّم العالمي للتسعير في هذه المهنة، وننصحك بالاطلاع على نظام كندي للتسعير من أجل تسعير أدقّ.
اقرأ أيضًا: هل تظن أن أجر المعلق المحترف عالياً؟ فلتدرك قيمة ما يقدمه لك!
ثالثًا: لا تعمل مجانًا.
بالتأكيد لن تعمل مجانًا بشكلٍ مباشر، لكن من المعروف أنّ مهنة التعليق الصوتي تتداخل مع العديد من المهن الأخرى وحتى إنّه يصعب الفصل بين التعليق الصوتي وبين بعض المهن مثل المزج الموسيقي أو إضافة المؤثّرات الصوتية، كما أنّ العديد من المعلّقين يتقنون مهاراتٍ رديفة للتعليق، كانوا قد تعلّموها في بداية مشوارهم من أجل دمجها ضمن الخدمات التي يقدّمونها، إلا أنّ هذه الخدمات في الحقيقة هي مهنً حقيقيّة مستقلّة بذاتها، وهناك الآلاف أو الملايين حول العالَم ممّن يعملون بها، وبالتأكيد لن يعجبك الأمر (علاوةً على أنّه لن يحدث) لو قام أحد محترفي المزج الموسيقي بإضافة تعليقًا بصوته كإضافة مجانية.
بالنتيجة درّب عملاءك على أن يدفعوا ثمن جميع الخدمات التي تقدّمها إن كانت لديك خدمات رديفة للتعليق الصوتي، مهما كانت الخدمة صغيرة، فهي تبدأ دائمًا بشكلٍ خجول كإضافة صورة غلاف للبودكاست وتصل في النهاية لعملٍ يستهلك نصف يومك.
رابعًا: سعّر خدماتك بشكلٍ واضح.
هل تمتلك مهارات تُمكنك من تقديم خدمات مساعدة للتعليق الصوتي؟ غالبًا ستكون الإجابة نعم. إذًا أعلن عنها جنبًا إلى جنب مع إعلانك عن خدمة التعليق الصوتي ذاتها، وذلك لسببين، الأوّل : أن يكون ذلك سببًا في نشر الوعي بين العملاء وتعريفهم على أنّ التعليق الصوتي عملً يختلف عن التصوير وأنّ كلّ من العملين له أجرٌ وله أدوات ويقوم به محترفون مختصّون، والثاني تجنّب المأزق المحتمل الذي تكلّمنا عنه في الفقرة السابقة أي العمل المجاني.
بالتأكيد نحن لا نقول لك لا تعطي حسومات لعملائك، لكن احرص على أن يدرك العميل أنّ ما تقدّمه له ليس مجانيًا، قد تحصل على نفس المبلغ سواءً إذا أعطيت إحدى الخدمات مجانًا أو قدّمت خصمًا على المبلغ الإجمالي لمجموع ثمن حزمة من الخدمات، لكن بهذه الطريقة لن تكون قد قدّمت شيئًا مجانيًا. وتخيّل دومًا أنّ الخدمة الإضافية التي تقدّمها ضمن باقة الخدمات لن تقوم بها بنفسك بل ستكلّف بها شخص آخر وستدفع له أجر، هل يمكنك تقبّل هذا الأمر؟!
بالتوفيق يارب