تبدأ القصة في عشرينات القرن الماضي عندما كان هناك مركب صغير ينساب على ضفاف جزيرة اكستشيميلكو Xochimilco التي تبعد كيلومترا جنوب مكسيكو سيتي يقل عائلة صغيرة تتكون من رجل وزوجته مع ابنتهم الصغيرة، وكانت الصغيرة ترتدى ثوبا أبيض اللون مزينا وكانت تجلس بهدوء بالقرب من مؤخرة المركب وهي تلعب وتضحك مع دميتها التي كان أهداها لها والدها في عيد ميلادها الأخير، وأثناء انشغال الوالدان بالحديث تركت ابنتهما دميتها جانبًا وانحنت فوق طرف القارب في محاولة منها للإمساك بزنبقة كانت تطفو فوق سطح الماء، فاختل توازلها وسقطت في المياه، فقفز والدها سريعا في المياه محاولا إنقاذها وغاص الأب في المياه مرارًا وتكرارًا لكن دون جدوى، واختفت الفتاة تماما، حتى الغواصون لم يستطيعوا العثور على جثتها وفي عام 50 أتى الجزيرة شابا يدعى دون جوليان حيث كان يزور الجزيرة من حين لآخر لصلة قرابة تجمعه بأصحابها الأصليين، وفي أحد الأيام، بينما كان واقفا وحده على ضفاف الجزيرة يتأمل المياه، تماما في البقعة التي غرقت فيها الفتاة قبل سنين طويلة تعلقت عيناه فجأة بطيف باهت لفتاة صغيرة يتهادى جسدها بهدوء تحت الماء، كان ثوبها الأبيض ذو الشرائط المزركشة الطويلة يتموج بوضوح تحت الماء، لكنها لم تكن تطفو، بدت وكأنها عالقة بشيء ما يمسك بجسدها ويبقيه تحت سطح الماء ظن دون جوليان لوهلة بأن الفتاة ميتة، لكنه بدل رأيه حين اقترب وجه الفتاة من السطح إلى درجة كافية لرؤية ملامحها، فقد بدت كأنها حية، كانت عيناها مفتوحتين على وسعهما، وكانت تنظر إلى دون جوليان بغرابة، فقفز الرجل إلى الماء على الفور ظنا بأنها ما زالت على قيد الحياة لكن ما سحبه دون جوليان من تحت الماء، بعد جهد، لم يكن سوى دمية أطفال، عروس جميلة ذات عيون زرقاء وشعر أشقر طويل دون جوليان كاد أن يفقد صوابه، كان متأكدا بأنه شاهد فتاة حقيقية من لحم ودم تعوم بالقرب من سطح الماء، لكن يداه لم تقع سوى على دمية من المطاط! وقد زادت حيرة الرجل بعدما أخبره أحد المزارعين لاحقا بقصة الفتاة التي غرقت في تلك البقعة في عشرينيات القرن المنصرم والتي لم يعثروا على جسدها أبدا فأيقن دون جوليان بأن ما راه في الماء لم يكن سوى شيخ تلك الفتاة الغارقة وبأن الدمية هي علامة ودليل على صدق ما راه عاد دون جوليان إلى منزله في المدينة في مساء ذلك اليوم، لكنه لم يكن نفس ذلك الشخص الذي غادره صباحًا، لم يعد يضحك ويلعب مع أطفاله كما كان يفعل سابقا، أصبح واجما وقليل الكلام، أخذت صورة الفتاة العريقة تقض مضجعه، كلما أغمض جفته طالعته عيونها وهي تحذق إليه من تحت سطح الماء، كأنها تحدثه وتصرخ فيه متوسلة بأن يعود إلى الجزيرة وفي صباح أحد الأيام غادر دون جوليان منزله في المدينة ولم يعد إليه ثانية أبدا، ترك كل شيء خلقه، عائلته ووظيفته، وذهب ليعيش وحيدا في تلك الجزيرة الموحشة في كل يوم، كان دون جوليان يلتقط دمية جديدة في نفس تلك البقعة التي شاهد فيها جنة الفتاة الغارقة، كان يأخذ الدمى ليعلقها على أغصان وجذوع الأشجار وبلغ هوسه بالدمى حذا جعله يذهب إلى المدينة يوميًا ليبحث في سلال القمامة والنفايات عن بقايا الدمى القديمة وأحيانا كان يقايض بعض الثمار والخضروات التي يزرعها في جزيرته بالدمى القديمة، ولم يكن يهتم كثيرا الحال الدمى التي يحصل عليها، كان يأخذها حتى لو كانت مقطعة الأوصال وممزقة، حتى لو كانت عبارة عن رأس أو يد أو بطن فقط كان يأخذها معه ليطرز بها أشجار جزيرته العجيبة وفي عام 2001، تم العثور على جثة دون جوليان طافية على سطح الماء في نفس البقعة التي شاهد فيها طيف الفتاة الغارقة قبل نصف قرن من الزمان لا أحد يعلم على وجه الدقة كيف ولماذا مات دون جوليان لكنه رحل تاركا وراءه واحدة من أغرب الجزر في العالم وأكثرها كابة بعض المزارعين والسكان القريبين من جزيرة دون جوليان راحوا ينشرون قصصا غريبة عن أمى الجزيرة، قالوا بأنها تحقق بهم بغرابة أثناء مرورهم بالزوارق بمحاذاة الجزيرة، وأقسم بعضهم على أن الأمى كانت تتهامس فيما بينها، وأن البعض منها كانت تومئ إليهم وتدعوهم للقدوم إلى الجزيرة