يتميز الصوت البشري بالعديد من المعايير والمواصفات والقواعد الفيزيائية التى يعلمها جيدًا كل مهندسي الصوت والمتخصصين المحترفين فى هذا المجال، لكن بعيدًا عن القوانين والنظريات العلمية البحتة، دعونا نستعرض سويًا بعض المواصفات والمعايير والمتلازمات الخاصة والمتعلقة بالصوت والتى تؤثر كثيرًا فى الشكل النهائى للمُنْتَجْ، لاسيما فى مجال الاذاعة والتليفزيون، وتصوير وتسجيل مضامين سينمائية ودرامية ووثائقية مختلفة..
المواصفات العامة للصوت
الدقة والوضوح
دقة الصوت تعبر عن مدى نقائه ووضوحه دون أى تشويش أو خلل، بحيث يستطيع سامع الصوت أو المشاهد لأى فيلم فى التلفاز أن يفرق بين الصوت البشري والمؤثرات الصوتية والفنية الملحقة، ويتمكن من التأثر بلهجة المتحدث وأسلوبه ونبرته الصوتية، ويتعرف كذلك على مشاعره من خلال كيفية نطقه للكلمات.
والجدير بالذكر أن جلَّ تركيز المشاهد للأعمال السينمائية يكون مُنكَبًا على الأحداث وتسلسلها وعلى الصوت البشرى وما يردده الممثل نفسه، ويكون اهتمامه بعيدًا كل البعد عن المؤثرات الصوتية وطريقة سردها إلا أنه يجب مراعاة الدقة أثناء تسجيلها هى أيضاً، ويكون ذلك عبر التأكد من مدى واقعية الصوت المسموع وعدم اصطناعه أو تشويهه أو مزجه ودمجه بأصوات أخرى، حتى يسهل على الأذن البشرية معالجته واستساغته.
ملائمة المضمون
ملائمة مضمون الصوت بالنسبة للأعمال الإذاعية أو السينمائية تعنى ضرورة أن يتفق الصوت مع المحتوى أو السناريو المراد تأديته وكذا الجو المحيط والمشهد أو اللقطة المطلوب تأديتها، مع مراعاة كافة التفاصيل المتعلقة بالزمان والمكان، ويمكن استعمال أجهزة المونتاج والمؤثرات الصوتية للمساعدة فى ذلك، وحتى نضمن خلق شخصية صوتية متناسقة من مُخْتَلَف الاتجاهات.
الملائمة المكانية (المنظور)
يعتبر المنظور أو ملائمة الصوت للمكان من أهم العوامل الواجب الانتباه إليها جيدًا عن التسجيل أو التمثيل أو التعليق على فيديو ما، بحيث يجب أن يظهر مصدر الصوت أو المعلق الصوتي على مسافة مناسبة من الكاميرا بالنسبة لمدى ارتفاع أو انخفاض صوته، وهذا ينطبق على الممثل بالطبع، وإذا لم يتم تنسيق عملية التلائم تلك فسيظهر المُنْتَج النهائى بعيدًا كل البعد عن الواقعية وبالتالي لن يتأثر المشاهد أو المستمع ولن يصدق ما يراه.
الملائمة الحركية للصوت
والملائمة الحركية للصوت تفيد بضرورة تحرك الأصوات بُعْدًا وقُرْبًا، ارتفاعًا وانخفاضًا، سرعةً وبُطْئًا حركة الكاميرا ومع حركة مصدر الصوت والمتحدثين أنفسهم.
وبمعنى أبسط فإنه يجب أن يتحرك الصوت بشكل يوحي بالواقعية، فعلى سبيل المثال : عندما يكون لدينا رجلين يتحاوران وهم يسيران وسط السوق ويعج من حولهما بالمارة والسيارات المحملة بالبضاعة وما ينتج عن ذلك كله من ضوضاء، ففى تلك الحالة لابد وأن يبدوان أنهما يحاولان رفع صوتَيهما فوق الأصوات المحيطة , لأن سماع الحوار بنفس الأسلوب والمستوى العادى كمثل حديثهما فى المنزل على سبيل المثال سوف يبدو مزيفاً للمشاهد.
الأصوات الغامضة
مما يجب أن تتميز به المضامين الدرامية والسينمائية وكذا التقارير الاذاعية والتليفزيونية الميدانية، أنه يجب مراعاة دمج أصوات غامضة إلى حدٍ ما مع صوت المؤدى لتعطي احساسًا لدى المشاهد بأن ما يرونه واقعيًا بالفعل، حيث يضعها المخرج بالتعاون مع مهندس الصوت، علي شريط الصوت.
وتلك الأصوات غير المحددة ولا واضحة المعالم sounds indistinct لها العديد من الأمثلة، فعلى سبيل المثال : قد تُضاف إلى المشهد التمثيلى على هيئة تمتمة أو ضوضاء أو صوت سيارات وصافرات مرور وحوارات جانبية غير هامة تدور في الخلفية , كما يمكن أن تكون أصوات ومؤثرات صوتية وموسيقية ثانوية ليس لها أهمية فى المشهد إلا الإيحاء بالواقعية ليس إلا.
وفى هذا السياق يجب التأكيد على أن الهدف الأسمى هو وصول رسالة ومنطوق الممثل، ما يعنى أن يكون حواره مسموعًا بوضوح مهما كانت المؤثرات المُلْحَقَة , لأن المشاهد إذا شعر في أية لحظة بأنه يتعب ويجهد أُذُنَيه كى يفهم طبيعة ما يدور فى المشهد فسوف ينفر منه بالفعل، كما يحدث أحيانًا مع بعض الأغنيات التى يعلو فيها صوت اللحن على صوت المطرب.
مونتاج الصوت
المونتاج بالطبع غني عن التعريف، وهو ببساطة يعني تلك التعديلات التى يتم اجراءها فى الصوت إما بالحذف أو التكرار أو الاضافة أو القص حتى يتناسب المشهد بِشِقَّيْهِ (الصوت & الصورة).
وقد يتم استعمال المونتاج فى السينما والأعمال الإعلامية لدمج أصوات ما حتى تعطي معانٍ خاصة لم يكن المشاهد ليستنتجها إذا ما استمع إليها مُنْفَرِدَةً، والأمثلة على ذلك عديدة للغاية.