قال الجَدُّ لحفيدهِ العشريني أمامَ عروسِهِ الجديدة : اسمعْ يا ولدي .. سيتلونَ عليك معانِ الحُبِّ تَتْرى ، تارةً يوهموكَ أَنَّها تتجلى في الفِعل الأبكم ، وتارةً في أَوْجِ المُلاطفةِ المُتَأجِّج ، سيُخْبِروكَ عن الهدايا والقُبَل ، وسيَرْوونَ لكَ قصصَ الوصولِ المُسْتحيل، سيقنعوكَ أحيانًا أنَّ الورودَ لا تَذْبُل وأنَّ المشاعِلَ الأولى لا تَخْبو ، وأحيانًا أخرى قد يشيرون عليكَ بأنَّ الحُبَّ المريضَ لا بُدَّ من بَتْره وأن الهَمْسَ الطفيفَ لابُدَّ من إسكاتِه ، سيُرَوِّجونَ لفاكهةِ العين وسيرفعونَ أَسْقُفَ الطموحاتِ البالية ، سترى صيرورةَ مُدِّعي الاختلافِ الذي قَتَلَتْهُ رتابةُ العادي ، وقد تلاحظُ سُكُونَ القانِعِ النمطيّ ..القابِعِ ببيتٍ يبدو أنه تقليدي ؛
وبينما أنت تائهٌ بين كُلِّ هذا الشتاتِ الزائِفِ الحقيقي .. لن ترى سوى سكينة ، تعتريها أشلاءٌ من الحماس، يُطْفِئُهَا اعتيادٌ رمادي ، ليُوقَظَ من بينكما شَجَنٌ دافِئ .. هذا هو الحب ؛ ثمرةٌ تنضج عبر فصولِ الحياةِ السعيدةِ والحزينة .. قصيدةٌ تُكتب كُلَّما هَبَّتْ نسائمٌ أو عَصَفَتْ بِكُما أعاصير .. خِبرةٌ تُكْتَسَبُ بالتشاطُر ، إيقاعٌ يُعَزَفُ بآلتين ، امتزاجٌ يمكن لأحدكما التعبيرُ عنه بوضوح ، مسارٌ ليسَ بوردي وإنما فيه تُطَيَّبُ الجِرَاحُ مما أصابها من الشوك ، مُجابَهَةٌ للمعارِكِ بكامل العَتاد .. ابتسامة نظيفةٌ على وجهَيْن غابِرَيْن ...
التفتا وفي صوتٍ واحدٍ بعدما استلهما الإجابة : أَمَا وإنَّ الحُبَّ مُخَالَجَةٌ تَتَخَلَّلُنا حُيَيْناتٍ وإنَّا بِها راضون.